________________________________________
سوف نذكر هنا صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم حتى تفعل أخي المسلم مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم للحج فأحرم من ذي الحليفة وساق هديه معه عليه الصلاة والسلام ونوى بالحج قارنا وفعل ما ذكرناه في السابق وعندما دخل المسجد الحرام وبدأ الطواف.
طواف القدوم
بادر إلى الحجر الأسود فاستقبله صلى الله عليه وسلم استقبالاً وكبر، ثم استلمه بيده، وقبله بفمه عليه الصلاة والسلام .( فإن لم تتمكن من تقبيله استلمه بيدك ثم قبل يدك فإن لم تتمكن من الاستلام فأشر إليه بيدك، وتفعل ذلك في كل شوط. وفي استلام الحجر فضل كبير لقوله صلى الله عليه وسلم ( مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً ) حسنه الترمذي وصححه ابن جبان والحاكم والذهبي.
ثم بدأ بالطواف حول الكعبة وجعلها عن يساره، وابتدئ الشوط من الحجر الأسود واختتمه به، وطاف من وراء الحجر ( أي حجر اسماعيل وهو القوس الأبيض المبني من الرخام ) سبعة أشواط، واضطبع فيها ( أي كشف كتفه الأيمن )، وأرمل ( أي أسرع في المشي مع مقاربة الخطوات ) في الثلاثة الأشواط الأولى من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ، ثم مشى في سائرها صلى الله عليه وسلم.
واستلم الركن اليماني بيده في كل (شوط)، ولم يقبله ( فإن لم تتمكن من استلامه فالإشارة إليه باليد ) وقال صلى الله عليه وسلم بينهما ( أي الركن اليماني والحجر الأسود ) : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار).
وإن أحببت أن تأتي الملتزم - وهو ما بين الحجر الأسود والباب - فتضع عليه صدرك ووجهك، وذراعيك وكفيك ثم تسأل الله حاجتك ، فافعل ذلك كونه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك .
ولم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر خاص بالطواف ، فلك أن تقرأ من القرآن أو الذكر ما تشاء أو تدعو الله تعالى.
وبعد أن انتهى صلى الله عليه وسلم من الشوط السابع غطى كتفه الأيمن، وانطلق إلى مقام إبراهيم، وقرأ: ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ). وجعل المقام بينه وبين الكعبة وصلى عنده ركعتين، ( وإن لم يتيسر لك ذلك فصلهما في أي موضع من المسجد )، وقرأ صلى الله عليه وسلم فيهما ( قل يا أيها الكافرون ) و( قل هو الله أحد ).
ثم بعد أن فرغ صلى الله عليه وسلم من الصلاة ذهب إلى زمزم فشرب منها، وصب على رأسه، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنها مباركة وهي طعام طعم، وشفاء سقم ).
السعي بين الصفا والمروة
ثم خرج صلى الله عليه وسلم ليسعى بين الصفا والمروة، فعندما دنا من الصفا قرأ قوله تعالى: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله، فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما، ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم )، وقال نبدأ بما بدأ الله به ).
ثم بدأ صلى الله عليه وسلم بالصفا فارتقي عليه حتى رأى الكعبة، واستقبل الكعبة، ووحد الله وكبره وقال: ( الله أكبر الله أكبر )، ( الحمد لله الحمد الله الحمد الله )، ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير )، ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده )، وكرر هذا الدعاء ثلاث مرات بين كل مرة دعا صلى الله عليه وسلم.
ثم نزل صلى الله عليه وسلم وسعى بين الصفا والمروة، ومشى إلى العلم ( ومكانه الآن أضواء خضراء ) ثم ركض إلى العلم الآخر الذي بعده،( فإذا ركضت أخي الحاج فاركض ركضاً شديداً بقدر ما تستطيع بحيث لا تؤذي أحدا ) ( وطواف النساء وسعيهن مشي كله ) ثم مشى صلى الله عليه وسلم صعداً حتى أتى المروة فارتقى عليها، وصنع فيها ما صنع على الصفا من استقبال القبلة، والتكبير، والتوحيد، والدعاء. ثم عاد صلى الله عليه وسلم حتى ارتقى على الصفا، ومشى موضع مشيه، وسعى موضع سعيه، شوط ثانٍ. ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى المروة، وهكذا حتى أتم سبعة أشواط نهاية آخرها على المروة.
ويستحب أخي الحاج أن تكثر في سعيك من الذكر والدعاء بما تيسر وأن تكون متطهراً من الأحداث والأخباث، ولو سعيت على غير طهارة أجزأك ذلك، وهكذا لو حاضت المرأة أو نفست بعد الطواف سعت وأجزأها ذلك لأن الطهارة ليست شرطاً في السعي وإنما هي مستحبة. ولكن لابد من الموالاة ( التتابع) بين الأشواط إلا إذا قطعته الصلاة فيصلي في مكانه وليبن من مكانه بعد الذي قطع فيه الشوط كذلك إذا احتاج الخروج إلى الخلاء .
وبعد أن انتهى صلى الله عليه وسلم من الشوط السابع على المروة توجه إلى مكان إقامته في مكة المكرمة لأنه كان قد نوى القرآن ، أما المتمتع الذي بينه وبين يوم التروية زمن طويل يمكن أن ينبت فيه شعر رأسه فيحلق لأنه ثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما اعتمر عمرة القضاء وبعد انتهائه من السعي حلق شعر رأسه كله ودعا صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وبدأ بيمين رأسه.
ومن لا يريد الحلق فله أن يقصر ولكن الحلق أفضل كونه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه دعا للمحلقين ثلاثا إلا أن يكون وقت الحج قريباُ بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس فإن الأفضل التقصير ليبقى الرأس للحلق في الحج كما أسلفنا، والحلق خاص بالرجال دون النساء، والمرأة لا يشرع لها إلا التقصير ، والمشروع لها أن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة فأقل، والأنملة هي رأس الإصبع، ولا تأخذ المرأة زيادة على ذلك، وبذلك تنتهي العمرة للمتمتع، وحل له ما حرم عليه بالإحرام، ويمكث هكذا حلالاً إلى يوم التروية، ومن كان أحرم بالحج مفرداً أو قارناً فيكون سعيه هذا سعي الحج، فيظل في إحرامه ولا يتحلل إلا بعد الرمي يوم النحر، فإذا كان يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم وأهل بالحج، فيفعل المتمتع كما فعل عند الإحرام بالعمرة من الميقات، من الاغتسال والتطيب، ولبس الإزار والرداء والتلبية، ولا يقطعها إلا عقب رمي جمرة العقبة ويحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، حتى أهل مكة يحرمون من مكة المكرمة.
ولا تنسوني من افضل دعاء